
انتهاء النصف الأول من الموسم: ماكلارين تُعزّز صدارتها والبريطاني نوريس يتوّج ملكًا على سيلفرستون
تحت سماء عاصفة وسباق مليء بالتقلبات، تألق لاندو نوريس وسط كل هذه التحديات ليُحقق فوزًا طال انتظاره على أرضه في جائزة بريطانيا الكبرى للفورمولا 1 لعام 2025، في لحظة فارقة تُبرز مدى هيمنة ماكلارين في واحد من أقوى مواسمها خلال السنوات العشر الماضية.
اجتاز البريطاني لاندو نوريس البالغ من العمر 25 عامًا خط النهاية أولًا، بعد أن تلقّى زميله الاسترالي أوسكار بياستري عقوبة زمنية مثيرة للجدل مدّتها 10 ثوانٍ بسبب كبحه المفاجئ وغير المنتظم خلال إعادة الانطلاق خلف سيارة الأمان – ما حرمه من تحقيق فوزه الخامس هذا الموسم، ومنح نوريس انتصاره الثالث.
استضافت حلبة سيلفرستون، التي تحتفل بالذكرى الـ 75 لسباق الجائزة الكبرى، مشهدًا دراميًا كلاسيكيًا على الطريقة البريطانية – حيث لعبت الظروف الجوية المتقلبة، والانسحابات المبكرة، والفوضى الاستراتيجية غير المتوقعة دورًا في رسم ملامح السباق. قاد ماكس فيرستابن من مركز الانطلاق الأول، لكن بياستري تجاوزه مبكرًا قبل أن يفقد السيطرة ويخرج من المنافسة بعد فترة سيارة الأمان، ليستغل نوريس الحظ العاثر ويُحقق فوزه الثاني على التوالي بعد انتصاره في النمسا. وكانت مشاعر الفرح جلية على وجهه وهو يتلقى تحية الجماهير البريطانية. أما فريق ماكلارين، فحقق ثنائية جديدة (المركزين الأول والثاني) ليواصل تعزيز موقعه في ترتيب بطولتي السائقين والصانعين.
وعلى صعيدٍ آخر، كُتب التاريخ من جديد. فقد تمكن نيكو هولكنبرغ، خلال مشاركته رقم 239 في الفورمولا 1، من الوصول لمنصة التتويج للمرة الأولى في مسيرته عبر قيادة مذهلة انطلق فيها من المركز التاسع عشر. سائق فريق ساوبر المخضرم أدار توقفاته في محطات الصيانة بشكل مثالي في ظروف الطقس المتقلبة بين الجفاف والمطر، ليعيش لحظة طال انتظارها أمام الجماهير البريطانية.
هذا الانتصار يختتم أول 12 جولة من الموسم، مؤكداً أن ماكلارين هو الخصم الذي يسعى الجميع لملاحقته. لا يزال بياستري يتصدر ترتيب السائقين برصيد 234 نقطة، لكن نوريس بات يلاحقه بفارق 8 نقاط فقط (226 نقطة)، بينما تراجع فيرستابن، الذي كان مرشحًا قويًا للفوز باللقب، إلى المركز الثالث برصيد 165 نقطة. أما في ترتيب الفرق، فتحتل ماكلارين صدارة مريحة برصيد 460 نقطة – أي أكثر من ضعف رصيد فريق فيراري صاحب المركز الثاني.
شهد النصف الأول من موسم 2025 إثارة لا مثيل لها. بدأ العام بفوز نوريس في جائزة أستراليا الكبرى، قبل أن ينطلق بياستري محققًا انتصارات مهيمنة في شنغهاي، البحرين، السعودية، ميامي، وبرشلونة. واستعاد فيرستابن نغمة الانتصارات لفترة وجيزة في اليابان وإيمولا، لكن أداء ريد بول كان متقلبًا. في موناكو، حقق نوريس فوزه الثاني بأسلوب رائع، بينما فاز جورج راسل من فريق مرسيدس في كندا بعد تصادم بين سائقي ماكلارين. ثم عاد نوريس بقوة في النمسا، وأكمل الثنائية بفوزه على أرضه في سيلفرستون.
بعد 12 جولة، فاز فريق ماكلارين بتسعة سباقات من أصل 12 – خمسة لبياستري، وأربعة لنوريس – في حين أصبحت المنافسة بينهما محور الموسم. أما فيرستابن، فقد اكتفى بفوزين فقط ولا يزال يعاني من مشاكل في الأداء والثبات، بما في ذلك انزلاقه في جائزة بريطانيا الكبرى الذي حرمه من منصة تتويج محتملة.
أما النصف الثاني من الموسم، فيحمل في طيّاته مزيدًا من الإثارة: توتر متصاعد بين زملاء الفريق في ماكلارين، محاولات ريد بول المتواصلة لتقليص الفارق، وترقّب حذر من مرسيدس وفيراري لاقتناص أي فرصة قد تلوح في الأفق بفعل هفوة أو تراجع.
تتجه الأنظار إلى سبا فرانكورشان في الجولة القادمة، حيث يُضفي الطقس المتقلب والتضاريس مزيدًا من الإثارة والغموض على مجريات السباق. أما الآن، فتسلّط الأضواء على لاندو نوريس – البطل على أرضه أخيرًا – وعلى فريق ماكلارين، الذين لا يتصدرون فقط، بل يعيدون رسم ملامح المنافسة.